مقاومة التغيير

ثقافة لا توجد تعليقات

التغيير يُشعرنا بالخوف والرَّهبة لأن نتائجه في معظمها مجهولة، حتى التغيير لأبسط الأشياء قد يبدو معقَّداً. مثلاً كم مرّةً فكرتِ في تغيير غرفة الجلوس، أو في تغيير المنزل أو السيارة؟. أو ربما الطريق الذي تسلكينه للعمل كل يوم؟ كم مرة حاولتِ تغيير عاداتك اليومية؟ ستجدين نفسك غالباً تقاومين التغيير.

مقاومة التغيير شعور فطري لأن التغيير يحمل مخاطر غير معروفة، فلربما لو انتقلتِ لمنزلٍ آخر، وجتِ جيرانً مزعجين، أو هناك مشكلة في الخدمات، أو أزمة مرور في ساعات الذروة وغيرها من العشرات من المخاطر التي نجهلها، ماذا لو انتقلنا لمجال عمل آخر!

هناك الكثير من الأبحاث التي تساعدنا في إدارة التغيير أو في التأقلم مع التغيير أو حتى لفهم التغيير واستيعاب المتغيرات في بيئتنا المحيطة.

هذا المقال سيحاول الإجابة على الأسئلة التالية: ما هو شعورك حيال التغيير؟ هل أنت من النوع الذي يبحث عن التغيير؟ أو، مثل الكثير منا، تجد نفسك غالبًا ما تقاوم التغيير!

الخوف من التغيير

عادةً ما تنبع مقاومة التغيير من عامل أساسي وهو الخوف. على وجه التحديد، الخوف من المجهول. حتى مع وجود أكبر قدر ممكن من المعلومات التي قد نعرفها عن التغيير ونتائجه، إلا أنّ هناك أشياء لا يمكننا التنبؤ بها، وقد تكون هذه هي أساس مخاوفنا.

لا نخشى فقط التغييرات “السلبية”، مثل فُقدان العمل أو مواجهة أزمة صحية. حتى أكثر التغييرات سعادةً، تلك التي نبحث عنها، يصعب علينا الاندماج بها سريعاً. فالتغيير يتكون من عواطف متناقضة ومختلطة مثل: السعادة والغبطة والخوف والقلق.

الطرق الخفيَّة التي نقاوم بها التغيير

أحياناً نقوم بتغيير وظيفتنا، أو منزلنا، أو مدينتنا، لكن يبقى شيء خفي في داخلنا يقاوم التغيير الجديد. فعلى سبيل المثال بالرُّغم من أنني انتقلت إلى منزلي الحالي منذ ما يزيد على الثمانية سنوات إلا أنني ما زلت أتردد على نفس الحلّاق القريب من منزلي القديم بالرغم من وجود حلاق على بعد خطُوات من منزلي الحالي.

الانتقال إلى وظيفة جديدة يترتب عليه تغيير في الكثير من الأساليب في العمل وغيره، فمثلاً ربما تضطر لتغيير طريقة لباسك، البرامج التي تستخدمها، لربما تقاوم ذلك التغيير، لكن في النهاية مقاومة التغيير لن تسهل الأمور بل ستُعقِّدها.

تعقيدات التغيير

حين نفكر في التغيير نرى أنَّ هُناك الكثير من الأمور المعقدة المترتبة عليه، وهذا يجعلنا إما مترددين أو مُتباطئين خاصةً حين يكون التغيير كبيراً مثل عارض صحي أو تغيير في الحالة الشخصية والتفكير في النتائج المستقبلية، نلاحظ أنّ هناك تعقيدات كثيرة تتخلل هذا التغيير.

أحياناً تمر مقاومتنا للتغيير بسرعة، وأحياناً تستمر لفترة طويلة ربما تكون في صالحنا حرصاً منا على الحصول على نتائج أفضل. لكن أحياناً ربما نقع في خطأ عدم فهم التغيير وتقبله مما سيضر بمصالحنا المستقبلية.

يترتب على مدير التغيير الأخذ بخمسة أساسيات تساعده على إقناع الناس بالتغيير

التغيير والشعور بفقدان السيطرة؟

نحن أيضًا لا نحب التغيير لأنه غالبًا ما يقلل من إحساسنا بالسيطرة. هذا يثير شعورنا بالخوف والتردد.

كموظف، من المحبِط أن يتم تغيير مهامك. حتى عندما يبذل مديرك جهدًا كبيرًا لشرح الأسباب، فسيظل يمتلكك شعور بفقدان السيطرة. ينطبق هذا عادةً سواءً وافقت على أن التغيير للأفضل أم لا.

قد تشعر أن مديرك أو “الإدارة العُليا” لا يفهمون تأثير التغيير. أو قد يبدو أنهم يُجرون التغيير فقط من أجل التغيير. لكن على الأرجح أنهم خائفون مثلك تمامًا وربما يتملكهم شعور بالعجز.

التغيير لا يحدث بمعزل عن الآخرين. هناك شبكة معقدة من الأسباب وراء التغيير – تغييرات في النشاط التجاري أو تغييرات في السوق أو تغييرات في التوقعات.

قد يبدو لك أن مديرك يقف خلف تلك التغييرات، لكن حقيقة الأمر قد تختلف وتكون هذه التغييرات جزء من سياسة الإدارة العليا، أو حاجة السوق، ربما يكون مديرك قلقاً مثلك تماماً، والتغيير يحدث خارج سيطرته. تأكد تماماً أن أكثر المؤيدين للتغيير ينتابهم أيضاً شعور بالقلق وعدم السيطرة.

إدارة مقاومة التغيير

عادةً ما ينصح خبراء إدارة التغيير القادة لمنح موظفيهم أكبر قدر ممكن من الخيارات والتحكم في التغيير قدر الإمكان. ولكن في حين أن هذا قد يساعد إلى حد ما، فإن الحقيقة هي أننا ربما نظل نقاوم. نحن ببساطة لا نحب التغيير.

حين تقوم الإدارة في المؤسسة بعملية تغيير فعلينا العمل للانتقال من خلالها، ربما نكون مترددين لكن علينا استخدام ذكائنا العاطفي وكبت مشاعر الخوف أو التردد من أجل انتقال سلس من الواضع الراهن إلى وضع مستقبلي. يجب أن نتذكر أن أفكارنا أحياناً تكون مشوشة وربما يغلبنا الطابع التشاؤمي لكن يجب أن نقوم بإدارة مشاعرنا لتقبل الأمر الواقع الجديد.

تخيل أن مديرك يطلب منك تدريب موظف جديد لتولي إحدى مهامك الرئيسية. رئيسك في العمل سيقوم بإعدادك لتولي مسؤوليات جديدة. لكن عقلك الباطن يخبرك أن مديرك يريد التخلص منك لسببٍ أو لآخر. طبعاً سوف تماطل في تدريب الشخص الجديد، وذلك لخوفك من المرحلة المقبلة التي لا تبدو واضحةً لك.

حقيقة الأمر أن أكثر المخلوقات قدرةً على التغيير والتعايش معه هم البشر. بالرّغم من مقاومتنا للتغيير إلا أننا أكثر المخلوقات تقبلاً له. تطوير الوعي الذاتي وتحليل الأمور منطقياً، وتقبل الآخر والرّزانة وكبت المشاعر يساعد كثيراً في تقبُّلنا للتغيير.

أي تغيير داخل المؤسسة بدءاً من تغيير الإدارة أو إعادة هيكلة المؤسسة لا ينتج عنه تغيير عليك أنت فقط، بل التغيير سيؤثر على الجميع، الشعور بالخطر شيء طبيعي لكن التعامل مع المخاطر بطريقة إيجابية وتحفيز الذات من أجل العمل مع التغيير وتقبله والانتقال سيسهل حياتنا وربما ينقذنا من أي خطر مستقبلي.

من المؤكد أن مشاعر المقاومة للتغيير ستظل موجودة ولكن إدارتها عبر تفهم مشاعر المحيطين بنا وتقبل الأمر بطريقة تساعدنا على التكيف مع التغيير ستساعدنا على الإنتقال. لنفكر في الأمور الإيجابية لا السلبية. ربما انتقلنا لبيت جديد وكان الجيران مزعجين لكن المنطقة أجمل وأرقى وأقل ازدحاماً. دائماً حاول البحث عن الإيجابيات خاصةً إذا كان التغيير جماعياً أو مؤسساتياً وليس من اختيارك أنت.

المراجع

Loading

اترك تعليقاً