علي نايفه – عالِم في الفيزياء الحركيَّة

أعلام لا توجد تعليقات

علي حسن نايفه هو عالم عربي فلسطيني، ولد في قرية شويكة قضاء مدينة طولكرم فلسطين في 21 كانون الأول ديسمبر من العام 1933. وتوفي بتاريخ 27 آذار من سنة 2017 في العصمة الأردنية عمان.

النشأة والتعليم

علي كان ابناً لأسرةٍ فلسطينيةٍ بسيطة عملت في الزراعة وقد تميزت هذه العائلة بأبناءٍ نجباء حيث أن أخوته الآخرين علماء في مجالات مختلفة منهم العالم منير نايفه من أشهر علماء تقنيات النانو في العالم.

د. علي نايفه

بعد إتمام علي حسن نايفة تعليمه، حصل على عملٍ في قطاع التعليم حيث عمل مدرساً لمادة الرياضيات لمدة عشر سنوات في الأردن، حتى تمكن من الحصول على منحةٍ من أجل دراسة الهندسة في جامعة ستانفورد الأميركية عندما كان يبلغ من العمر 26 سنة. لم تكن رحلته إلى الولايات المتحدة بالسهله حيث خاض العديد من الامتحانات باللغة الانجليزية وقد تم رفض طلب تأشيرة الدراسة عدة مرات في البداية.

تمكن نايفة من إثبات كفاءته وجدارته خلال وقتٍ قياسيّ، إذ حصل على درجة البكالوريوس في علوم الهندسة في العام 1962، وأتبعها بدرجة الماجستير سنة 1963، ثم درجة الدكتوراه سنة 1964 من جامعة ستانفورد، وأنهاها بتخصصٍ في مجال علوم هندسة الطيران كل ذلك خلال خمس سنوات فقط.

العمل والبحث العلمي

بعد تخرجه عمل د. علي في قطاع الطيران لمدة ستة سنوات من العام 1964 ةحتى العام 1970 عبر انضمامه للعمل ضمن شركة هليوداين (Heliodyne) حتى سنة 1968، ومن ثم عمل ضمن شركة آيروثيرم (Aerotherm) حتى عام 1971، وهو العام الذي قرر فيه نايفة تغيير اهتمامه من المجال الصناعي إلى المجال البحثي، حيث انضم لجامعة فيرجينيا ليصبح أستاذاً مختصاً في مجال الديناميك اللاخطي (Nonlinear Dynamics)، وقد أسس مخبراً عملياً ساهم فيه مع طلابه بإجراء اختباراتٍ عملية متقدمة للعديد من النظريات والمعادلات الرياضية المتعلقة بديناميكية الحركة، وبقي علي نايفة ضمن منصبه كأستاذٍ فخريّ في جامعة فيرجينيا حتى تقاعده في العام 2008.

لقاء مع د. علي نايفه في العام 2014

وبعد ذلك، عمل د. نايفة في الجماعة الأردنية في عمان، ومن ثم أوكل بمهة تأسيس كلية الهندسة في جامعة اليرموك الأردنية، فضلاً عن مساهمته في تأسيس كلية الهندسة بجامعة الملك عبد العزيز في جدة في عام 1976. د. علي حاصل أيضاً على زمالة الجمعية الفيزيائية الأميركية والمعهد الأميركي لعلوم الطيران والفضاء والجمعية الأميركية للهندسة الميكانيكية.

نشاطه العلمي وإرثه البحثي

بشكلٍ عام، يمكن وصف عمل د. نايفة على أنه جهدٌ علميّ وبحثيّ يهدف إلى إيجاد شيء من الانتظام وقابلية التوقع ضمن أنظمة تتصف بسلوكٍ عشوائيّ وغير منتظم، وبالتحديد، فإن تركيزه انصبَّ على الأنظمة الميكانيكية المرتبطة بالحركة، مثل الاهتزازات الهوائية في محركات الطائرات النفاثة، أو حركة المياه حول السفن، أو اهتزازات الأبنية الميكانيكية الضخمة مثل الرافعات وحتى ناطحات السحاب؛ ينظر لكل هذه الأبنية على أنظمة ذات سلوك ديناميكي لا خطي التي تقوم -وبشكلٍ مستمر- بتوليد تغيراتٍ داخلها وخارجها، وساهم نايفة خلال مسيرته بتطوير طرقٍ ونماذج رياضية تساعد على إيجاد حلولٍ للمعادلات التفاضلية المعقدة، التي تصف سلوك هذه الأنظمة، والتي أمكن لاحقاً استخدامها في المجال العمليّ. وبفضل أصالة أعماله وغزارة إنتاجه، يُنظر لنايفة على أنه أكثر العلماء تأثيراً وأهميةً في مجال الديناميك اللاخطي ضمن العلوم الميكانيكية والهندسية.

بشيءٍ من التفصيل، ساهم نايفة خلال مسيرته في نشر أبحاثٍ علمية محكمة ضمن مجالات تقنيات الاضطراب والاهتزازات اللاخطية، وميكانيك الطيران، والاهتزازات الموجية، والاستقرار الهيدروديناميكي، والتحكم الخطي واللاخطي، وميكانيك الموائع، حيث ألّف قرابة 500 ورقة بحثية، تم الاقتباس منها أكثر من 43,000 مرة حتى سنة 2017. وتُعتبر طريقة المقاييس الزمنية المتعددة (MMS: Multiple Time Scales) التي طوّرها نايفة من أهم ما تركه ضمن مجال اختصاصه، وهي تستخدم اليوم على نطاقٍ واسع من قِبل الباحثين في مجال الديناميك اللاخطي. وقد نُشرت مقالة علمية مفصلة من قِبل دار النشر العالمية سبرنجر (Springer)، تم فيها الحديث بإسهاب عن الإرث العلميّ الكبير للبروفيسور نايفة، وأهمية طريقة المقاييس الزمنية المتعددة التي قام بتطويرها.

نشر البروفيسور نايفة 11 كتاباً خلال مسيرته، أهمها وأبرزها كتاب طرق الاضطرابات (Perturnation Methods) المنشور سنة 1973 عن دار نشر وايلي، وكتاب مقدمة في تقنيات الاضطرابات (Introduction to Perturbation Techniques)؛ حيث يُعتبر هذان الكتابان من أهم الكتب المرجعية في مجال دراسة الاضطرابات الميكانيكية. إلى جانب النشر والتأليف، شغل نايفة منصب مدير تحرير مجلة الديناميك اللاخطي وكذلك مجلة الاهتزاز والتحكم. كما أشرف على 69 طالب دكتوراه، كثير من طلابه أصبحوا علماء، رؤساء أقسام، وعمداء في مواقع مرموقه حول العالم.

جائزة بنيامين فرانكلين وتقديره من العديد من المؤسسات العلمية

بفضل إسهاماته الجليلة في العلوم الفيزيائية والميكانيكية، حصل الأستاذ الدكتور علي نايفة على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته العلمية الحافلة، وكان أبرزها حصوله على ميدالية بنجامين فرانكلين سنة 2014 في فئة الهندسة الميكانيكية، التي حصل عليها كوكبة من أشهر علماء التاريخ مثل ألبرت أينشتاين وبيير وماري كوري وتوماس إديسون وستيفن هوكنج. تلقى نايفة ميدالية بنجامين فرانكلين تقديراً لدوره في تطوير طرق ونماذج مبتكرة تساهم في إيجاد حلول لمشاكل هندسة معقدة في مجال البنى الديناميكية وميكانيك الموائع والأنظمة الكهروميكانيكية. حصل البروفيسور نايفة أيضاً على درجة الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات حول العالم، مثل جامعة مارين التقنية في روسيا وجامعة ميونخ التقنية في ألمانيا وجامعة شتيتين التقنية في بولندا (أصبحت تُعرف اليوم باسم جامعة غرب برومينيا التقنية).

ترك د. علي وراءه إرثاً كبيراً واسماً لامعاً في مجال العلوم الميكانيكية، كما عاش ملتزماً بأخلاقه الإسلامية منتمياً لأمته العربية والإسلامية. ساهم في إنشاء مدرسة تحمل اسمه في قريته شويكة التي تم افتتاحها في العام 2020.

المراجع

Loading

اترك تعليقاً