نموذج ليفين لإدارة التغيير

مال وأعمال لا توجد تعليقات

تم تطوير أحد النماذج الأساسية لفهم التغيير التنظيمي من قبل كورت ليفين في الأربعينيات من القرن المنصرم، ويسمى نموذج لوين لإدارة التغيير (Lewin’s Change Management Model)، ولا يزال نموذج ليفين للتغيير أحد أهم نماذج التغيير حتى اليوم.

كورت ليفين ولد لعائلة يهودية في بولندا (بروسيا سابقاً) عام 1890 وتوفي في الولايات المتحده في عام1947. ليفين عالم نفس ألماني، هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ويُعتبر أحد أعمدة علم النفس الاجتماعي والتنظيمي والتطبيقي الحديث. طلب أن يُلفظ اسمه ب”لوين” لأن نطق اسمه بالانجليزية بسبب حرف (w) هو لوين عكس الألمانية حيث الحرف يُلفظ (v).

يُعرف نموذج لوين بمراحله الثلاثة: مرحلة إذابة الجليد – مرحلة التغيير – مرحلة تثبيت التغيير.

فهم مراحل التغيير الثلاث في نموذج لوين:

التغيير هو عملية تشترك فيها جميع الشركات والمؤسسات والحكومات بغض النظر عن حجمها أو طبيعة عملها أوعمرها. يتغير عالمنا بسرعة ولذا يُعتبر التغيير في أي مؤسسة ضرورة. المؤسسات التي تتعامل مع التغيير بشكل جيد تزدهر، بينما تلك التي تتلكأ قد تتتعرض للفشل.

يعتبر مفهوم “إدارة التغيير” مفهومًا مألوفًا اليوم في معظم الشركات. لكن كيف تدير الشركات التغيير (ومدى نجاحها فيه) تختلف اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على طبيعة العمل والتغيير والأشخاص المعنيين. ويعتمد جزء رئيسي من هذا على مدى فهم الأشخاص داخل تلك الشركات لعملية التغيير.

يَصف ليفين التغيير بأنه كإذابة الثلج من أجل إعادة تشكيله، حيث في المرحلة الأولى نقوم بإذابة الجليد، ومن ثم نضعه في قالب بالشكل الذي نرغب فيه ومن ثم نقوم بتجميده مرةً أُخرى.

يَعتقد ليفين أنَّ أي عملية تغيير ناجحة يجب أن تعتمد على رؤية سليمة، بحيث تبدأ عملية التغيير بفهم سبب حدوث التغيير، ما هو الدافع لهذا التغيير؟

منحنى تبني الغيير في التكنولوجيا

المرحلة الأولى إذابة الجليد:

تُعد هذه المرحلة من التغيير مرحلةَ إعداد المؤسسة لقبول فكرة ضرورة التغيير. هذه المرحلة تتضمن تجاوز الوضع الراهن وتنمية القبول لبناء طريقة عمل جديدة.

المفتاح إلى ذلك هو بناء رسالة مقنعة توضح سبب عدم الاستمرار في طريقة العمل الحالية. من الأسهل تأطير السبب عند ربطه بأرقام المبيعات المنخفضة أو النتائج المالية السيئة أو استطلاعات رضا العملاء المقلقة أو الوقت المُستنزف أوما شابه. تأطير أسباب التغيير بالأرقام هي طريقة يمكن أن تسهل فهم أسباب التغيير للجميع.

لإعداد المؤسسة بنجاح، يجب أن تبدأ من الجوهر- ستواجه المعتقدات والقيم والمواقف والسلوكيات التي ترسخت لسنوات. أنت تقوم بتغيير أساسات بناء بأساسات جديدة، يجب أن تمتلك الأسباب المقنعة للتغيير.

عادةً ما يكون هذا الجزء الأول من عملية التغيير هو الأصعب والأكثر إجهادًا. عندما تبدأ بفَكفَكة “الطريقة التي تتم بها الأمور”، فإنك تضع كل شيء في حالة من عدم التوازن. قد تثير ردود فعل قوية لدى الناس، وهذا بالضبط ما يجب القيام به.

من خلال إجبار المؤسسة على إعادة فحص جوهرها، فإنك تخلق بشكل فعال أزمة (مضبوطة)، والتي بدورها يمكن أن تبني دافعًا قويًا للبحث عن توازن جديد. بدون هذا الدافع للتغيير، لن تحصل على الموافقة والمشاركة اللازمتين لإحداث أي تغيير ذي مغزى.

المرحلة الثانية التغيير:

حالة عدم اليقين التي نشأت في مرحلة إذابة الجليد، وخلق مزاج من عدم التوازن سيحث الناس للبحث أو الانضمام إلى طُرق جديدة للقيام بواجباتهم. هنا نقول أن مرحلة التغيير قد بدأت. حيث يبدأ الناس في الإيمان والتصرف بطرق تدعم الاتجاه الجديد.

لا يحدث الانتقال من حالة إذابة الجليد إلى التغيير بين عشية وضحاها: يستغرق الناس وقتًا لتبني الاتجاه الجديد والمشاركة بشكل استباقي في التغيير. منحنى التغيير، يركز على تحولات الناس في بيئة متغيرة وهو مفيد لفهم هذا الجانب بمزيد من التفصيل.

من أجل قبول التغيير والمساهمة في إنجاحه، يحتاج الناس إلى فهم كيف سيفيدهم. لن ينسجم الجميع لمجرد أن التغيير ضروري وسيفيد الشركة. هذا افتراض شائع ويجب تجنبه، يجب أن يشعر الناس بفائده على المستوى الشخصي، إما نفسياً أو وظيفياً أو اجتماعياً.

قد تصطدم أثناء هذه المرحلة بالحرس القديم، أولئك الناس المستفيدين من الوضع الراهن. وهناك أناس قد يحتاجون لبعض الوقت حتى يتفهموا ضرورة هذا التغيير والفوائد منه. هاتين الحالتين شائعتين ويجب معالجتهما.

الوقت والتواصل مع الناس هما مفتاحان للتغييرات النجحة. يحتاج الأشخاص إلى وقت لفهم التغييرات، كما يحتاجون أيضًا إلى الشعور بالارتباط الشديد بالمؤسسة طوال الفترة الانتقالية. عندما تدير التغيير، قد يتطلب ذلك قدرًا كبيرًا من الوقت والجهد، وعادةً ما تكون الإدارة العملية هي أفضل نهج. بمعنى أنَّ صنَّاع التغيير يجب أن يكونوا مثالاً يُحتذى به.

المرحلة الثالثة تثبيت التغيير:

عندما تتشكل التغييرات ويتبنى الناس طُرق العمل الجديدة، تكون المؤسسة جاهزة لإعادة التَّموضع. عند الوصول إلى مرحلة نشعر فيها أن التغيير قد أُنجز وبدأت المؤسسة بالعمل بالطريقة الجديدة يجب أن نبدأ بتثبيت التغيير عبر إضفاء طابع مؤسسي على التغييرات الجديدة. هذا يعني التأكد من استخدام االطرق الجديدة من الآن فصاعداً، وإدراجها في الأعمال اليومية. حين يتم تضمين التغيير بإجراءات العمل، يشعر الموظفون بالثقة.

مرحلة تثبيت التغيير أو إعادة التموضع مرحلة مهمه وهي الضّمان أن التغيير قد تم بالشكل الكامل والمرجو. أحياناً لا يتم تدريب الموظفين جيداً على الأساليب الجديدة فيعيشون في حالة من القلق، لربما يقومون بشيء خاطىء يعود باللوم عليهم، ولهذا يجب أن تتم مرحلة الانتقال من التغيير إلى إعادة التموضع بشكل جيد وكامل حتى يكون التغيير قد تم بكامله ولا يقع الموظفون في فخ الإنتقال.

إعادة التموضع هي أساس القيام بأي تغيير مستقبلي، . كيف يمكنك إقناع الناس بأن شيئًا ما يحتاج إلى التغيير إذا لم تُرسّخ بالتغييرات الأخيرة؟ سوف يُنظر إلى التغيير على أنه تغيير من أجل التغيير، والحافز المطلوب لتنفيذ التغييرات الجديدة ببساطة لن يكون موجودًا.


كجزء من عملية إعادة التموضع، تأكد من الاحتفال بنجاح التغيير – فهذا يساعد الناس على فهم أن التغيير قد حصل، ويجب شكر الناس لتحملهم وقتًا عصيبًا وكونهم جزء من التغيير، هذا سيجعلهم جنوداً أوفياء لأي تغيير قد يحصل في المستقبل.

المراجع

Loading

اترك تعليقاً