فتح مدينة بورصة

بُلدان ومدن لا توجد تعليقات

بعد انهيار دولة سلاجقة الروم، أقام عثمان عاصمته السياسية والإدارية في سوغوت وما لبث أن ركَّز أركان حُكمه وبدأ بإنشاء دولةٍ لترث الدولة السلجوقية.

البداية

بعد تمكين أركان حكمه بدأ عثمان بفتح المدن والقلاع البيزنطية المجاورة واحدةً تلوَ الأخرى حتى وصل إلى مدينة بورصة. العثمانيون حتى ذلك الوقت لم يكن لديهم أي خبرة في حصار المدن الكبرى، حيث أن منطقة حكمهم كانت ريفيةً في معظمها. حاصر عثمان بن أرطغرل مدينة بورصة في عام 717ه الموافق ل1317م . وللتمكن من فتحها هاجم حصن أردنوس الكائن على قمة جبل أولمب (أولو طاغ) فدخله عنوة وعيَّن بالابانجق بك قائداً للحصن وهذا الحصن مُطل على المدينة. وقد بنى عثمان غازي حصناً آخر في قابلجه وأوكل أمره إلى آق تيمور.

الحصار

استمرَّ الحصار العثماني لمدينة بورصة لحوالي عشر سنوات، وكما أسلفنا فإن العثمانيين لم يكن لديهم خبره ولا معدات كافية لفتح مدن كبيرة واسعة التحصين. مدينة بورصة كانت حصينة ومنيعة، إذ حمتها قلعة يبلغ طولها 3400 متر تحتوي على 14 بُرج مراقبة و6 أبواب ضخمة، وكان هناك سورين سميكين في المنطقة الواقعة تحت جبل أولوطاغ. وأثناء عمليَّة الحصار الطويلة، قام عُثمان وقادته بفتح كافة الحصون والقرى البيزنطية المحيطة ببورصة، ففتحوها الواحد تلو الأُخرى، ودخل بعض قادة تلك الحُصون مع حامياتهم في خدمة عُثمان، وأسلم البعضُ منهم فيما بقي البعض الآخر على الدين المسيحي.

مرض عثمان

في تلك الفترة الطويلة من الحصار لبورصة أُصيب عُثمان غازي بِداء النٌقطة (الصَّرع)، فبدا واضحًا أنه لم يعد قادرًا على قيادة حصار المدينة بنفسه، فعهد إلى ابنه الثاني أورخان باستكمال المهمَّة، وذهب إلى سوغوت وبقي فيها حتى وفاته

أورخان بن عُثمان ينهي المهمة

استمرَّ حصار أورخان بن عثمان للمدينة دون أي قتالٍ أو حرب، لكنَّه تابع عزلها عن مُحيطها، ففتح “مودانيا” قاطعًا صلة مدينة بورصة بالبحر وهو أهم طريق إمداد للمدينة، ثُمَّ فتح بلدة “پرونتكوس” في الساحل الجنوبي لِإزميد، وغيَّر اسمها إلى “قره مُرسل” تيمنًا باسم فاتحها “قره مُرسل بك”، كما فتح بلدة “أدرانوس” الواقعة جنوب بورصة على قمة جبل أناضولي داغ، التي وُصفت بأنها مفتاح المدينة، وسُميت “أورخان ألي”. ضيَّق العُثمانيّون الحصار على المدينة حتَّى دبَّ اليأس في قلب حاكمها وحاميتها، وأيقن الإمبراطور البيزنطي أنَّ سُقوطها في أيدي المُسلمين مسألة وقتٍ لا أكثر، فاتخذ قرارًا صعبًا، وأمر عامله عليها بإجلاء سكانها، ففعل بعد أن دفع ثلاثين ألف قطعة ذهبية بيزنطية، وانسحبت الحامية البيزنطيَّة من المدينة.

خان عثماني في مدينة بورصة، المصدر: pixabay

دخل أورخان غازي مدينة بورصة يوم 2 جُمادى الأولى 726هـ المُوافق ل6 نيسان (أبريل) 1326م، ولم يتعرَّض لأهلها بِسُوء بعد أن أقرّوا بالسيادة العُثمانيَّة وتعهدوا بدفع الجزية. واستسلم صاحب المدينة المدعو «أقرينوس» إلى أورخان، ثُمَّ أشهر إسلامه أمامه وبايع أباه عُثمان ودخل في طاعته، فأُعطي لقب «بك» إكرامًا له وتقديرًا لما أبداه من شجاعةٍ وصبرٍ خِلال الحصار الطويل، وأصبح من قادة الدولة العُثمانيَّة البارزين فيما بعد، وتأثر به عددٌ آخر من قادة الروم الذين بقوا في المدينة وحُصونها المُجاورة، فأشهروا إسلامهم وانضموا تحت لواء العُثمانيين. وبهذا فُتحت بورصة بعد طول انتظار.

وفاة عثمان

أرسل عثمان غازي إلى ابنه أورخان طالباً عودته على الفور لسوغوت بسبب اشتداد مرض والده. وحين حضر ولاه والده ولاية العهد وهو في أنفاسه الأخيرة متخطياً أخاه الأكبر علاء الدين الذي كان زاهداً عابداً ولم يعارض.

بورصة عاصمة العثمانيين

نقل أورخان جثة واده عثمان بعد وفاته إلى بورصة ودفنه فيها. ومن ثم أعلنها عاصمة الدولة العثمانية السياسية والإدارية. وقد استمرت بورصة عاصمةً للدولة العثمانية من عام 1327 إلى عام 1361 ثم انتقلت العاصمة الى إدرنة ثم الى اسطانبول عام 1453.

المراجع

Loading

اترك تعليقاً