المنهجية الرشيقة لإدارة المشاريع – أجايل

مال وأعمال لا توجد تعليقات

تنظيم المشاريع بطريقة مَرِنَة

لنفترض أنَّ هناك شركة مبتدئة في مجال التكنولوجيا، حيث يحاول المؤسسون إنشاء مناخ عمل مُستدام. التغيير المستمر والسريع هو الشيء الوحيد الثابت في قطاع التكنولوجيا، ولهذا يجب أن تطور الشركة نموذج عمل يمكنهم من تقديم خدمات مميزة لزبائنهم بوقت قصير وباستجابة سريعة للتغييرات في المتطلبات والسوق!

التغييرات السريعة في السوق تفرض تغييرات دائمة في متطلبات الزبائن، اعتماد نهج تقليدي لإدارة المشاريع مثل نموذج الشلال (Waterfall) ربما يؤدي إلى التأخير في التسليم أو ارتفاع تكلفة الإنتاج وبالتالي الخسارة. وذلك لعدم مرونة نماذج إدارة المشاريع التقليدية في استجابتها للمتغيرات الدائمة والسريعة.

المنهجية الرشيقة لإدارة المشاريع – أجايل (Agile) تساعد في التعامل مع المتغيرات السريعة والمتطلبات المتغيرة، هذا المقال سيوضح طريقة عمل نموذج أجايل.

لوحة كانبان وهي تستخدم لتوزيع المهام في أطر عمل أجايل

ما هي المنهجية الرشيقة لإدارة المشاريع – أجايل؟

تم تصميم الإدارة الرشيقة للمشاريع أجايل حول نهج مرن. لنفترض أن هناك مُنتج سيعمل أعضاء الفريق على تجهيزه، يتم تقسيم متطلبات إصدار المنتج بحيث يعمل أعضاء الفريق في سلاسل أو مراحل قصيرة أي على دفعات لإصدارات صغيرة الحجم تضم متطلبات تمكن من إصدارات أولية للمنتج تكون فعالة أي تعمل. ثم يختبرون كل إصدار وفقًا لاحتياجات العملاء، بدلاً من السعي للحصول على نتيجة نهائية واحدة يتم إصدارها فقط في نهاية المشروع. وبذلك يكون من السهل استيعاب وتطبيق أي تغيير قد يطرأ من قبل الزبون.

نتيجةً لتعدد الإصدارات التدريجي قد يكون المنتج النهائي لمشروع رشيق مختلفًا تمامًا عن المنتج الذي تم تصوره في البداية. سبب ذلك هو الاطلاع الدائم للزبون على المنتج خلال عملية الفحص التي تتبع كل إصدار، بحيث لربما يقوم الزبون بتغيير أو تحسين متطلبات أو شكل المنتج النهائي.

وهذا يجعل الإدارة الرشيقة – أجايل حلاً مناسبًا بشكل خاص للأعمال الجديدة والسريعة، أو تلك الموجودة في بيئة سريعة التغير، أو للمنتجات أو المشاريع شديدة التعقيد. نموذج أجايل مفيد أيضًا في المشاريع العاجلة التي لا يمكنها الانتظار حتى يتم إعداد مشروع تقليدي كامل.

بداية أجايل

بدأت الإدارة الرشيقة للمشاريع في التبلور منذ عقود، فقد ساعد حدثان على إرساء أسس هذا النهج.

أولاً، في عام 1986، نشر هيروتاكا تاكيوتشي وإيكوجيرو نوناكا مقالاً بعنوان “لعبة ’ تطوير المنتجات الجديدة’ الجديدة” في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو. في ذلك المقال، حدد المؤلفون طريقة جديدة لتطوير المنتجات التي تشبه لعبة الرجبي  وفريق اللاعبين المسمى “سْكْرَمْ” (scrum).

لقد تصوروا منهجًا لإدارة المشروع، تمامًا كما هو الحال في الملعب، بحيث يمكن لأعضاء الفريق تحقيق هدفهم من خلال إعادة تقييم الموقف باستمرار والاستجابة وفقًا لذلك. وكفريق الرجبي يمكن لفرق العمل في المشاريع أو المنتجات إعادة التقييم باستمرار، وذلك سيؤدي إلى منتجات تلبي احتياجات العملاء بشكل كامل.

أما أجايل كما نعرفه اليوم فتبع الحدث الثاني في عام 2001، عندما اجتمعت مجموعة من خبراء البرمجيات والمشاريع لمناقشة ما هو مشترك بين أنجح مشاريعهم. لقد أنشأوا بيان مشروع “Agile” أجايل، الذي حدد القيم والمبادئ التي قامت عليها “Agile Project Management” الإدارة الرشيقة للمشاريع أجايل.

تم بناء أجايل على نهج تطوير المنتج الخاص بـتاكيوتشي ونوناكا، ويتضمن القيم والمبادئ الموضحة في بيان مشروع أجايل. وهي كالتالي:

  • الأفراد وتعاملهم فيما بينهم فوق المنظومات والأدوات
  • المنتجات الصالحة للاستعمال فوق التوثيق الكامل
  • تعاون ومشاركة العميل فوق التفاوض حول العقد
  • الاستجابة للتغييرات فوق الالتزام بمخطط عمل محدد

ويعني ذلك أنه على الرغم من كون العناصر على الجانب الأيسر ذات قيمة، إلا أنَّ العناصر على الجانب الأيمن ذات قيمة أكبر.

الفرق بين أجايل وإدارة المشاريع التقليدية

لنقارن إدارة المشاريع المرنة أجايل مع إدارة المشاريع التقليدية لإظهار كيف تختلف الأساليب:

إدارة المشاريع الرشيقة أجايلإدارة المشاريع التقليدية
الفرق ذاتية التوجيه ولديها الحرية في تحقيق الإنجازات التي تختارها، طالما أنها تتبع القواعد المتفق عليها.عادةً ما يتم إدارة الفريق بإحكام من قبل مدير المشروع، فهم يعملون وفقًا لجداول زمنية مفصلة متفق عليها في البداية.
يتم تطوير متطلبات المشروع ضمن العملية الإنتاجية مع ظهور الاحتياجات والاستخدامات الجديدة. قد يعني هذا أن النتيجة النهائية مختلفة عن تلك المتوخاة في البداية.يتم تحديد متطلبات المشروع قبل أن يبدأ المشروع. يمكن أن يؤدي هذا في بعض الأحيان إلى ما يسمى “تَسَيُّب المتطلبات، أو متلازمة حوض المطبخ” (Scope creep also called requirement creep, or kitchen sink syndrome) وهي ظاهرة في إدارة المشاريع تشير إلى التغييرات أو النمو المستمر أو غير المنضبط في نطاق المشروع في أي مرحلة بعد بدء المشروع. لأن أصحاب المصلحة يطلبون في كثير من الأحيان أكثر مما يحتاجون.
يحدث اختبار المستخدم وتعليقات العملاء باستمرار. من السهل التعلم من الأخطاء وتنفيذ الملاحظات وتطوير النتائج. ومع ذلك، فإن الاختبار المستمر اللازم لهذا يتطلب جهود مكثفة، وقد يكون من الصعب إدارته إذا لم يشارك المستخدمون.يتم إجراء اختبار المستخدم وتعليقات الزبائن في نهاية المشروع، عندما يتم تصميم كل شيء وتنفيذه. قد يعني هذا أن المشاكل يمكن أن تظهر بعد الإصدار، مما يؤدي أحيانًا إلى إصلاحات باهظة الثمن وحتى عمليات إعادة بناء كاملة.
تقيم الفرق باستمرار نطاق واتجاه منتجهم أو مشروعهم. هذا يعني أنه يمكنهم تغيير الاتجاه في أي وقت في العملية للتأكد من أن منتجهم سوف يلبي الاحتياجات المتغيرة. وبسبب ذلك، قد يكون من الصعب كتابة دراسة جدوى في البداية، لأن النتيجة النهائية غير معروفة تمامًا.تعمل الفرق على منتج نهائي يمكن تسليمه لبعض الوقت – غالبًا أشهر أو سنوات – بعد بدء المشروع. في بعض الأحيان، قد يصب المنتج النهائي أو المشروع غير ذي صلة، لأن احتياجات العمل أو العملاء قد تغيرت.

في نهاية المطاف، غالبًا ما تكون إدارة المشروع التقليدية هي الأفضل في بيئة مستقرة، حيث يلزم تسليم محدد لميزانية ثابتة. غالبًا ما يكون أجايل هو الحل الأفضل عندما يكون المنتج النهائي غير مؤكد أو غير معروف الشكل، أو حيث تتغير البيئة بسرعة.

أجايل من الداخل

تختلف إدارة المشاريع الرشيقة أجايل أيضًا عن تقنيات إدارة المشاريع الأخرى في الأدوار والأحداث التي تستخدمها. هذه الأدوار والأحداث مفصلة أدناه:

سْكْرَمْ ” و “السلسلة الزمنية المحددة – Sprint”

يَعد إطار عمل “سكرم” أهم وأشهر أدوات أجايل. يستخدم سكرم أدوارًا وأحداثًا واجتماعات وإصدارات محددة لتقديم منتج قابل للاستخدام في إطار زمني محدد – على سبيل المثال، في غضون 30 يومًا في أبعد حد.

يتضمن الإطار ثلاثة أدوار رئيسية:

1. مالك المنتج: هو خبير في المنتج قيد التطوير. يمثل أو تمثل أصحاب المصلحة الرئيسيين والزبائن والمستخدمين النهائيين، وهو مسؤول عن تحديد أولويات المشروع والحصول على التمويل.

يصف مالك المنتج كيف سيستخدم الأشخاص المنتج النهائي، ويبلغ احتياجات العملاء لفريق التطوير، ويساعد الفريق على تطوير المنتج المناسب. تساعد خبرته أيضًا في مكافحة تَسَيُّب المتطلبات أو زحف النطاق.

2. سكرم ماستر (مدير السكرم): هو المسؤول عن إدارة العملية، من تدريب لأعضاء الفريق، وتوضيح عمليات إدارة وتطوير المنتج في إطار عمل سكرم. هذا الشخص يقوم بحل المشاكل التي قد تواجه عملية تطوير وبناء المنتج أو المشروع، بحيث يُمَكِّن مالك المنتج من دفع عجلة التطوير، وزيادة عائد الاستثمار. يضمن مدير السكرم أن كل سبرنت مستقل بذاته، وأنه لا يأخذ أهدافًا إضافية قد تعرقل مسيرة سلاسل الإنتاج (sprints).

يشرف مدير سكرم على الاتصالات والاجتماعات الدورية، بحيث يمكن لأصحاب المصلحة والزبون وأعضاء الفريق فهم التقدم الذي تم إحرازه بسهولة في كل سلسلة إنتاج.

3. فريق التطوير: وهو مجموعة المهنيين متعددي التخصصات المسؤولين عن تحويل المتطلبات إلى وظائف مُنتَجَة.

سيعمل الفريق على كل مشروع عبر “سلاسل الإنتاج – Sprints” – وهي مراحل قصيرة من العمل تقدم إصدارات للمُنتج مكتملة ومُخْتَبَرَة ومُوَثَّقة وعاملة في نهايتها.

كل سلسلة إنتاج تبدأ باجتماع التخطيط (Sprint Planning meeting). هنا، يقرر أعضاء الفريق ما يمكنهم تقديمه في غضون الإطار الزمني المتفق عليه. ويحددون الهدف ويحددون مسؤوليات المهمة.

خلال السلسلة، يركز أعضاء الفريق فقط على تحقيق هدفهم المحدد. يجتمع أعضاء فريق التطوير كل يوم في اجتماع أقصى مدة له هي 15 دقيقة إذا كان الإطار الزمني للسلسلة هو أربعة أسابيع وتقل فترة الاجتماع إذا قلت مدة السلسلة التي في العادة تتراوح بين أسبوع وأربعة أسابيع. في الاجتماع اليومي يناقش أعضاء الفريق التقدم المُحرَز، ومناقشة ما سيعملون عليه في ذلك اليوم، والتحدث عن أي تحديات يواجهونها. (يتم تشجيع المشاركين في الاجتماع على الوقوف بحيث تكون الاجتماعات سريعة وفعالة). هذه الاجتماعات هي جزء أساسي من عملية التفتيش (inspection) اليومية. يمكن لهذه الاجتماعات أن تتم عبر دوائر الاتصال المغلقة مثل زوم وتيمز وغيرها من البرامج في حالة العمل عن بعد. يمكن لفريق التطوير تغيير نهجه، بناءً على ما يصلح لمشروع معين.

اجتماعات نهاية السلسلة (سبرنت)

 في نموذج سكرم، هناك فرص منتظمة للإبلاغ عن التقدم المُحرز ومناقشة النتائج مع مالك المنتج والزبون وأصحاب المصلحة.

بالإضافة إلى اجتماعات سكرم اليومية لفريق العمل، يلتقي أعضاء الفريق بمالك المنتج وأصحاب المصلحة الرئيسيين بعد كل سلسلة لتقديم نتائج السلسلة. في هذا الاجتماع المسمى “اجتماع مراجعة السلسلة” (سبرنت) يتم التالي:

  • مراجعة العمل الذي اكتمل والعمل المخطط له.
  • عرض الأعمال المنجزة إلى أصحاب المصلحة
  • مدته 4 ساعات

بعد ذلك، يعقد مدير السكرم (وأحيانًا مالك المنتج) اجتماع تقييم السلسلة (سبرنت)، حيث يتم مناقشة العقبات والمشاكل التي واجهها الفريق، الإنجازات والأشياء المفيدة التي حدثت، الدروس المستفادة لتحسين السلسلة القادمة.

الخلاصة

تهدف الإدارة الرشيقة أجايل إلى تقديم ترقيات عمل كاملة لمنتج عبر سلاسل متلاحقة محكومة بعنصر زمني لا يزيد عادةً عن أربعة أسابيع.

هذه الإدارة الرشيقة وعبر سلاسل العمل الزمنية تقدم المنتج عبر إصدارات تمكن الزبون من الحصور على المنتج على دفعات مما يمكنه من إيصال أي تغيير قد يطرأ بشكل سريع، بحيث لا يؤثر على المنتج ككل ولا يؤخر الإنتاجية ولا يضخم الميزانية.

في أجايل تتم إدارة الفرق ذاتيًا بالكامل ولديها الحرية في تغيير نهجها عند الحاجة. يمكن أن توفر هذه المرونة التكاليف وتضمن أن المنتج النهائي يلبي احتياجات الزبائن.

المراجع

Loading

اترك تعليقاً