لمحة عن أثينا في العصر العثماني

بُلدان ومدن لا توجد تعليقات
أثينا العثمانية ويظهر هنا البازار الكبير في مونستراكي حالياً. اللوحة لِ إدوارد دودويل.

في كتابه الرائع “كتاب السفر”، قال المستكشف والرّحالة العثماني الأشهر أوليا جلبي (شلبي) (1611-1682) أن الكُّتاب من جميع الأديان يعتبرون أثينا “معقل الحكماء” في إشارة إلى الفلاسفة اليونانيين. كما أبدى إعجابه بالتماثيل اليونانية القديمة أيضاً. حيث خضعت أثينا للحكم العثماني بين أعوام 1458 و1821 وكانت تتبع إسطنبول إدارياً (1). تغنى جلبي بمديح المدينة في أُنشودة جميلة بعد زيارتهِ أثينا في العام 1668م. رآى مدينةً من القرون الوسطى، حيث كان البارثينون لا يزال سليماً تقريباً. تم تحويل معبد أثينا، الذي كان قد تحول في البداية إلى كنيسة أرثوذكسية مسيحية ثم كنيسة كاثوليكية، إلى مسجد بعد الفتح العثماني.

وكان من الطبيعي أن يتوقف أوليا جلبي كثيراً أمام الطابَع العثمانية لمدينة أثينا، فقد أُعجب جلبي بمسجد أثينا – يقع في منطقة مونستِراكي حالياً – الذي قرأ عنه الكثير من الروايات ووصفه بعبارات إشادة قبل ما يقرب من عقدين من الدمار الذي أحدثه فرانشيسكو موروسيني. فتحدث عن وجود منشآت إسلامية وبعض المساجد، بخاصة الجامع الكبير في البارثنون الذي احتوى على ستين عموداً من الرخام الأبيض تحمل الأعمدة الجانبية منها رواقاً أعلاها ليظهر الجامع مكوناً من طابقين. كما لاحظ أيضاً تميز الأعمدة الأربعة ما بين المحراب والمنبر ومدى تكلفتها العالية، إلى درجة أنه كتب “تعادل قيمة الأعمدة ضرائب الدولة كاملة”. كما وصف جلبي قبة الجامع الضخمة ومصابيحه. ولاحظ التصاوير والرسوم القديمة على جدران المعبد القديم/ الجامع الحالي، فضلاً عن الأعمال الفنية الرائعة التي تزخر بها أثينا. كما ذكر تفرد المدينة في ذلك الحين حيث كتب: “لكنني لم أر في أي إقليم هذه التحف الموجودة في أثينا”، وأيضاً “إن أي رحالة في العالم لم يأت ويرى مدينة أثينا فعليه ألا يقول أنه قد رأى العالم”. وهذا دليل على اهتمامه وشغفه بتاريخ المدينة.

ذكر المؤرخ البيزنطي كريتوفولس (2) نجاح العثمانيين في اقتحام أثينا في عهد السلطان محمد الفاتح في العام 1457م بعد انتزاعها من قبضة البَنادقة. وقد زار السلطان محمد الفاتح أثينا بعد فتحها بعام لاستكشاف المدينة التي كان قد قرأ عنها الكثير. ووفقاً للمؤرخ والباحث مايكل كريستوبلوس (3)، فقد أُعجب السلطان وأشاد بما رآه.

وصف أوليا جلبي أثينا بأنها «معقل الحكماء الأول» في إشارة إلى الفلاسفة اليونان. غير أنه لم يستطع التخلص من الفكر الأسطوري الذي تكرر كثيراً في جل كتاب

يقول المؤرخ والخبير في العصر العثماني إلياس كولوفوس بمناسبة نشر كتاب “أثينا العثمانية: علم الآثار والتضاريس والتاريخ” (4) كانت أثينا العثمانية مدينة مُهمّة تَشتهر بآثارها، وفيها آثار رائعة وطريقة حياة مثيرة للاهتمام.

يقول كولوفوس: “في عهد السلطان سليمان القانوني (1520-1566)، كان عدد سكان أثينا يتراوح بين 8,000 و15,000 مواطن، مما يجعلها ثالث أكبر مدينة في البلقان العثمانية، بعد أدريانوبل وسالونيك”.

وخلال العصر العثماني، كان أغلب سكان أثينا من المسيحيين. حيث كان مجتمعها المسلم صغيرًا ويتألف بشكل رئيسي من حارس الأكروبوليس ومجموعة من العائلات. لكن العثمانيين عرفوا أثينا كمدينة قديمة ذات إرث كلاسيكي. فحسب تقرير لقنصل فرنسا المقيم في أثينا في نهايات القرن السابع عشر، احتوت المدينة على 2053 منزلاً، منها 1300 لليونانيين و600 للأتراك و150 للألبان و3 للفرنجة.

المراجع

(1) أثينا تعرض صورها ووثائقها العثمانية

(2) المؤرخ البيزنطي ميخائيل كريتوفولس 1410-1470م.

(3) مايكل كريستوبلوس: سياسي وباحث ومؤلف يوناني. ألف كتاب تاريخ الفتح العثماني للإمبراطورية الرومانية الشرقية في عهد السلطان محمد الثاني.

(4) كتاب أثينا العثمانية علم الآثار والتضاريس والتاريخ: دراسة من 12 مقالاً بحثياً مشتركاً. الكتاب يقدم مساهمة مهمة في الجهود المبذولة لدراسة تاريخ المدينة خلال العصور الوسطى والحديثة وما قبل الثورة. كما أنه يوفر للباحثين والجمهور رؤى قيمة في هذه الفترة الغنية غير المعروفة نسبيًا من التاريخ ، والتي تمتد من القرن الخامس عشر إلى القرن العشرين.

Loading

اترك تعليقاً